Thursday, 30 July 2015

تـحـريـر الـمـرأة



الحمد لله الذي أمرنا بالعدل والإحسان والصلاة والسلام على نبينا الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين،،

أما بعد...

فعلى مرّ العصور، كانَ حالُ الرجلِ أيسرَ وأسهلَ من المرأةِ وهذا معلومٌ لمنْ نظرَ في التاريخِ وقرأ عن الحضارات.

نعم، قد تكونُ هذه العبارةُ تعميماً وقد يقولُ قائلٌ هذا أصبَحَ في الماضي، والمرأةُ اليومَ أصبحتْ كالرجلِ! بل تصدّرت في كثيرٍ من المجالاتِ عنه!

ولكن....الواقعُ يوحي خلافَ ما نسمعهُ اليوم من حقوقٍ للمرأةِ و"تحريرٍ"  لها من الاضطهادِ التي عاشتْهُ في القرونِ "المظلمة".

رَغمَ أنّ الرجلَ كانَ على عاتقهِ الحرب و السلم و ما والاهما ..فإن عُمرَ المرأةِ المتوقع كان أقلّ من الرجل ومن أسبابِ ذلك الولادة.وبين القرن الثالث عشر والتاسع عشر، أُعدِمَ أكثرُ مِن مليونَ امرأةٍ أوروبية، وأكثرهنّ منَ الأراملِ بِتهمةِ السِحر، ولاموهن على الطقس السيء الذي أفسد الزرع!

لكن، ولله الحمد، مع تقدم العلم أصبحَ عُمْرُ المرأةِ يفوقُ الرجلَ وهذا بسببِ تطورِ العِلمِ في طِب الولادة...ولكن هل هذا التقدم حلَّ مشكلات المرأة في حياتها؟

ليس في كل العالم ففي الكاميرون إلى اليوم، يقومون بكيّ صدور النساء لتقليل الرغبة الجنسية! و في الصين ومنذ ألف سنة، يقومون بإدخال أرجل النساء في قالب ضيّق لتصغير وتنحيف أرجلهن، لأن الرِجل الصغيرة في مجتمعهم تعتبر من علامات الجمال....جاهلية قبيحة!

في الهند، ظلم واضطهاد المرأة فاق العجب! فإذا بُشّر الوالد ببنتٍ ظل وجهه مسوداً يراجع حساباته - كيف سينفق على هذه البُنية المسكينة..وعندما تكبر كيف سيوفر المهر لزوجها – نعم! في الهند المرأة هي التي تدفع المهر...كأنها عبئ على الأسرة فيدفعون لكي "يتخلصوا" منها! الحمد لله على الإسلام! بل إنهم في الهند إذا عرفوا أن الجنين أنثى سارعوا لإجهاضه خشية الفقر.

في القرن الواحد والعشرين...عندما يُذكر التطور والانفتاح والتقدم الحضاري، فأمريكا وأوروبا يُذكران (وأقولها متأسفاً) وأزعجونا بمساواة الرجل والمرأة، ولكن هل حقاً يوجد مساواة؟

في أمريكا يوجد ثمن تدفعها المرأة فقط لأنها امرأة، فمتوسط دَخْل المرأة التي تحمل شهادة بكلوريوس في أمريكا أقل من الرجل بـ40%! لماذا هذه التفرقة؟ لأن المرأة –حسب الدراسات- تستقيل أكثر من الرجل لكي تتفرغ لبيتها وتربية الصغار...وهل تلام المرأةُ لفطرتها؟ وثم ينادون بالمساواة!

والعَجبُ، أن دَخْلَ المرأةِ يعتمد كثيراً على مظهرها، فالقبيحةُ (في نظرهم) تُعطى راتباً أقلَّ من الجميلة. والمرأة السمينة تستلم أقل من الرجل السمين –حسب الدراسات-!

تمّت دراسات عن غيابات الموظفين في أحد المؤسسات الكبيرة في أوروبا، ومن النتائج أن من الأسباب الأساسية لغياب النساء عن عملهن هي العادة الشهرية وهذا يؤثرُ على الانتاجية بنسبة 14% وهذا من أسباب تخفيض راتب المرأة...بسبب ليس لها ذنبٌ فيه! أين التقدم؟

لا يوجد مجال في العمل إلا والمرأة تكون أقل من الرجل...ولا أعني في الأداء، فذاك بحثٌ آخر، بل أعني في الجزاء! فالرجل مقدمٌ على المرأةِ في أكثر أنحاء العالم بل وحتى في الدول "المتقدمة" إلا في وظيفة واحدة..البِغاء!

فهذه الوظيفة إلى اليوم منتشرة وللأسف ولها سوقها وزبائنها، ومن أكثر الدول التي يسود فيها هذه الوظيفة المخزية أمريكا –حسب الإحصائيات- من كل 50 امرأة أمريكية يوجد واحدة تمارس البِغاء! رغم أن القانون الأمريكي يجرّم هذا الفعل إلا أن مشقةَ الحياة وظلم المجتمع الذي يعانين منه دفعهن للدخول في هذا المجال المظلم. 

فالمشكلة لا تنحل بتحرير المرأة...فهذه الحرية أشبه بترك غزال في غابة مليئة بالذئاب، ونقول ادخلي الغابة سالمة! أين العدل في ذلك؟ وأين حماية أفراد المجتمع؟ هذا هو الغرب الذي يدعو للحرية...فالحقيقة إنها دعوى للرذيلة والانحلال الأخلاقي.

ومن عادات المغضوب عليهم والضالين أن يلبسوا الحق بالباطل، قال تعالى: "وَلاَتَلْبِسُواْالْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ".

وليس العربُ بأفضلَ من الغرب، أبداً، فنحن أيضاً نعاني من جاهلية أضرّت بالمرأة وقيّدتها بقيود العادات والتقاليد! ففي بعض المجتمعات العربية، لا تُخيّر المرأة ولا تُستشار بمن يكون لها زوج! فكأنها ناقةٌ تباع في السوق! ومن قُبحِ ما نسمع أن من عادات بعض البلدان العربية أن يُرِيَ الزوج بعد ليلة الدخلة دليلاً على بِكارِةَ زوجتهِ لأهلهِ، متباهياً! قاتل الله الجهل!

إياك أيها القارئ الخلطَ بين الإسلام الذي أُنزِلَ رحمةً للعالمين وبين بعض العادات التي جعلت من المجتمعات بهائم لا تفقه أفعالها! فالإسلام أتى لنشر العدل وحفظ حقوق البشر من ظلم البشر، وحاشا أن ينزّل الله الأحكام لنشقى، بل لنعيش حياة منتظمةً كلٌ بكرامته. وحفظَ للمرأة حقوقها، ولا يخدعنّك الشيطانُ أيها المبارك - أن الشريعةَ أتت لكي تُضيّق على المرأة حياتها، بل الشريعة أتت لتحمي المرأة من ظلم الرجل!

فأمر بالستر كي لا ينظر إليها الرجل نظرة شهوة ويبني معاملته معها على شكلها وزينتها، وهذا للأسف أمر صعب تفاديه، إذ أنها الفطرة، والرجل تجذبه المرأة ولا يتجاهل ذلك إلا غائب الفطرة، والدراسات في علم النفس والاجتماعيات تثبت ذلك وحدّث ولا حرج عن التحرش الجنسي في المؤسسات والأماكن التي فيها الاختلاط، ولكن حسبنا ما أتى به الشارع الحكيم! فالله الله في ديننا والتمسك بما أمر الله به.


هذا ما تيسر بيانه والحمد لله رب العالمين...
كتبه / فارس الحمادي