Saturday, 5 April 2014

مِـحْـنَـةُ رَجُـلْ

مِـحْـنَـةُ رَجُـلْ


الحمد لله الذي جعل أئمة في الإسلام كالجبال ... ينصرون الدين بنصره والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده...

قال تعالى :
Ra bracket.png وَالْعَصْرِ Aya-1.png إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ Aya-2.png إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ Aya-3.png La bracket.png

تذكرني هذه السورة العظيمة في حياة الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله- .. فكانوا أكثر الناس في زمانه في خُسُرٍ ... إلا هو و من كان على نهج السلف!  ... آمنوا وعملوا الصالحات بالقول و العمل و لا يخفى هذا على من عرف شيئاً من سيرة الإمام أحمد ؛

قال إبراهيم الحربي : يقول الناس أحمد بن حنبل بالتوهم، والله ما أجد لأحد من التابعين عليه مزية، ولا أعرف أحداً يقدر قدره، ولقد صحبته عشرين سنة صيفاً وشتاءً، وحراً وبرداً، وليلاً ونهاراً، فما لقيته لقاة في يوم إلا وهو زائد عليه بالأمس !

والإمام أحمد كان يُضربُ به المثلُ في التواصي بالحق ..! كان عالماً فقيهاً نشر العقيدة الصحيحة و السنة و له مؤلفاتٌ كثيرةٌ تطبعُ و تدرسُ إلى يومنا هذا !
و كان يجتمع في مجلس أحمد زهاء خمسة آلاف أو يزيدون، نحو خمس مائة يكتبون، والباقون يتعلمون منه حسن الأدب والسمت !

و لما وقعت المحنة ما وقف إلى النهاية إلا الإمام أحمد -رحمه الله- ، هناك من وقفوا وقتلوا ، ومن وقفوا ثم انتكسوا ، وهناك من تخاذلوا أصلاً عن الوقوف ، وهناك من تراجعوا وغيروا عقيدتهم ، والذي ثبت إلى النهاية هو الإمام أحمد فقط في محنة خلق القرآن..! وهذا يذكرني في قوله –تعالى- ((وتواصوا بالصبر)) !

قال علي بن المديني : إن الله -عز وجل- أعزَّ هذا الدين برجلين ليس لهما ثالث : بأبي بكر الصديق يوم الرِدّة، و أحمد بن حنبلَ يومَ المِحْنة، وقد كان لأبي بكر الصديق أصحابٌ وأعوان، وأحمد ليس له أعوانٌ ولا أصحاب!


يروي الإمام أحمد بن حنبل محنته : لما جيء بالصيات ، نظر إليها المعتصم فقال : إئتوني بغيرها -أي يريد أشد منها-. فاصطف الجلادون ، فيتقدم الأول فيضربني سوطين. فيقول له المعتصم: شد! قطع الله يدك! 

فيتنحى ويتقدم الآخر فيضربني سوطين. فلما ضربت سبعة عشر سوطاً..!
فقام إليّ المعتصم وقال: "يا أحمد، علام تقتل نفسك؟ إني والله عليك لشفيق". وقال أحد الجلادين : لقد ضربت أحمد ثمانين سوطاً لو ضربتها فيلاً لهدته!

وجعل عُجيف يَنْخَسُني بسيفه ويقول: "أتريد أن تغلب هؤلاء كلهم؟"! -أي بعنادك-. وقال بعضهم: "ويلك! إمامك على رأسك قائم!" (أي أطعه). وقال بعضهم: "يا أمير المؤمنين! دمه في عنقي، اقتله!" 

فقال المعتصم: ويحك يا أحمد، ماذا تقول؟!
فأقول (أي أحمد): "أعطوني شيئاً من كتاب الله أو سنة رسول الله أقول به..!"
فرجع المُعتصمُ و جلس...وقال للجلاد: "تقدم...وأوجع!" 

قال أحمد: "ذهب عقلي مراراً (من الضرب)!"

وأقبلوا علي يقولون: "يا أحمد! إمامك على رأسك!" والمعتصم يقول: "ويحك يا أحمد! أجبني!"

وجعل عبدالرحمن يقول: "من صنع من أصحابك في هذا الأمر ما تصنع؟!"

ورأيت المعتصم قاعداً في الشمس بغير مظلة يقول لابن أبي دؤاد: "لقد ارتكبت إثماً في أمر هذا الرجل." (ضميره أنبه) 

فيقول أبو دؤاد : "يا أمير المؤمنين، إنه -والله- كافرٌ مشرك! قد أشرك من غير وجه." (قاتل الله المبتدعة!)

وقد أراد المعتصم تخليتي، لكن لم يدعه أبو دؤاد ولا إسحاق بن إبراهيم..! وبعد الجلد؛ أُطلقت الأقياد عني؛  وقال رجل ممن حضر: كَبَبْناكَ على وجهك وطَرَحْناك على ظهرك باريّة ودُسْنَاكَ!

وكان صائماً -رحمه الله-! وأتوه بسويق (طعام من شعير وحنطة) وقالوا: اشرب وتقيأ! (يريدون إبطال صومه!) 
فقال: لا أفطر!

أحمد بن حنبل قرة عين الإسلام ... أُدْخِلَ الكير فخرج ذهباً أحْمرَ!!

هذا ما تيسر لي و الحمد لله رب العالمين ...



وكتب  / فارس الحمادي
6/جمادي الآخر/1435 هـ
2014/04/06 مـ

No comments:

Post a Comment