Thursday, 3 April 2014

لا تتخذوهم غرضاً

قال الله - تعالى -

((وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ))





الحمد لله الحيّ القيّوم الذي خلفَ من بعدِ نبيّه صحابة حملوا الدين و نشروه .. و الصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ...
أما بعد ...

(تمهيد) مخالفة أمر رسول الله :
مخالفة أمرِ النبي مصيبةٌ قد تصيبُ من دين المَرءُ مَقتَلاً حَتى يَكفرُ..! قَال الله - تعالى - : ((فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)) قال شيخُ الإسْلام : أمرَ الله من خالف أمر رسول الله أن يحذر الفتنَة...والفِتنةُ ؛ الــردّة والكــفــر !

فقد أمرَ رسولُ اللهعلى أن نُعظِّمَ الصحابة -رضي الله عنهم- وأن نَحفظَ مَكانتُهُم العَاليَة ؛ فَحبُّهمْ عَقيدة وانتِقاصُهُم ضَلالَة ! و شَدَّدَ على من يَنتَقِصُ مِن صَحابتِه الكِرام والأحَاديثُ والآثارُ كثيرةٌ معروفة في هذا...وحسبُنا هذا الحَديث؛ قال رسولُ الله (( الله الله في أصحابي ، الله الله في أصحابي ، لا تتخذوهم غرضاَ بعدي ، فمن أحبهم فبحبي أحبهم ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله تبارك وتعالى ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه ))

 قال المناوي : " ( الله الله في حق أصحابي ) أي اتقوا الله فيهم ، ولا تَلمُزوهُم بِسوء ، أو اذكروا الله فِيهم وفي تَعظيمِهم وتَوقيرهم ، وكَرَّرهُ إيذاناً بمَزيد الحَث على الكَف عَن التَّعَرضِ لهم بِمنْقص ( لا تتخذوهم غرضاً ) هَدفاَ تَرموهم بَقَبيحِ الكلام كما يُرمَى الهَدفُ بالسِهام هو تشبيه بليغ ( بعدي ) أيّ بَعدَ وَفاتي ".

وقد أجْمَعت الأمَة عَلى أنَّ حُبَّهُم و إجْلالهُم مِن أصُولِ ديننا...نَتقربُ إلى الله به و لا يَسُبُّهُم أو يَنْتَقِصُ مِنهُم إلا هالكٌ زائغٌ عن الحق..!


كَتَبَ أحدُ الـتـافِـهـيـنَ في "تويتر" مِن الذينَ اشْتُهِروا بالفُجور و بُغضِ الدّينِ و أهلهُ -كعادته- كلاماً لا يَصدرُ إلا  مِن خَبيث ..! إذْ الشيءُ مِن معدنهِ لا يُستغرَبُ ، انتقَصَ هذا المُغردُ أحدَ أصْحاب رسول الله بتغريدة قبيحة لا يرضاها أدْنى أهل الأرضِ في أهْلهِ ... فضلاً على أن تكونَ في رَجلٍ قد رضي الله عنه ! أبو هريرة...هذا النجم المتألقُ منْ صَحابةِ رسولِ الله ..وهل في الأمة من لا يعرفُ أبا هريرة ؟! بل حتى أعداءُ الإسلامِ من النصارى و اليهود يعرفونه...هو الناقل لِما يَزيدُ عَن ألف و ستمائة حديث (غير مكرر) عن النبي كما قال المحدِّثون !

فصَدَحَ الصَّحبُ في "تويتر" مُغرِّدين...حُباً و غيرَةً لعِرضِ هذا الصحابي الجليل ؛ عبدالرحمن بن صخر الدوسي -رضي الله عنه-... دفعتهم فِطرتُهم السَليمَة على إنكارِ المُنكرِ و الدِفاعِ عَن الدّين .. قال النبي : ((..لا تزالُ طائفةٌ من أمتي ظاهرينَ على الحقّ قاهرينَ لعدوهِم لا يضرهُم من خذلهُم أو خالفهُم حتى تقومَ الساعةُ)).
و كما قال صديقي و حبيبي أبا الفضل في مقالته "الرسوخ في العلم" :
"و كم مِنْ رَجلٍ بسيطٍ في العلم قد أُوتِيَ غيرةً و شجاعةً في الصّدع بالحقّ  ، فكان فيه من رسوخِ العلم بمقدار ذلك.. إذا تقرّرَّ عندك هذا عَلِمتَ –علّمك الله الخير - فقه حديث النبي- صلى الله عليه وآله وسلم-  لمّا استعاذ من علم لا ينفع فسمّاه علمًا غير أنه لم ينفع ، إذ لم يُؤْتِ ثمارَه و لذا قال بعض العلماء :(  الأمرُ بالمعروف و النهي ُ عن المنكر زكاةُ العلم ) . و الزّكاةُ واجبةٌ !! فمن تكلّم بالحقّ حيثُ سكتَ  عنه الآخرون كان أعلمَ من السّاكت وأكثر رسوخًا منه ، فأنطَقُهم بالحقّ أرسّخُهُمْ علمًا." أ.هـ

والناس مواقف...قال -الحكيم- ابن القيّم : الدُنيا مِضمارُ سِباق ، وقد خَفيَ السابِق ، و سَوفَ تَرى إذا انجَلى الغُبارُ أفرسٌ تَحتَكَ أمْ حِمارٌ !!
و هنا وقفت أتأمل ردود الصَّحب من شتى الدرَجاتِ الثقافّيةِ و العلمّية...فمِنهُم الرجلُ و المَرأةُ ومِنهم طالبُ العلم و العامي و منهم الصغير و الكبير...!

و المسألة ليست أن أبا هريرة -رضي الله عنه- رجلٌ مجهول ويجب علينا أن نُبيّنَ للناس من هو...لا لا!
المسألةُ عقيدة...صحابة رسول الله ((خطٌ أحمر))!! ...كما قالَ الـتـافــهُ نَفسهُ بعدَ أن أقامَ الناس عليهِ الدنيا...في محاولةٍ فاشلةٍ أن "يُرَقِّعَها" (أي يصلح ما أفسد!)...والعَجَبُ أن كثيراً مِن أهلِ الفضلِ أنكروا عَليه وطالبوه أن يَحذفَ طامّته ، ولم يَستجب لأحد...أيّ أنهُ مقتنعٌ بِما كَتبَ ! أخذتهُ العزّةُ بالإثِم..! نَسألُ الله العافية !


وقفَتان...!

1/ ابنُ تيميّة .. شيخُ الإسلام (أيضاً لم يسلَم من وقاحة هذا التافه! فقد اتهَمهُ بالإعْراضِ عن سُنّة النبي!) .. بلغهُ أن أحد علماء الإثنى عشرية –وهو ابن مُطَهِّرْ الحِليّ- ألّف كتاب "منهاج الكرامة" ينصر فيه دينه الإثنى عشري في اتهام الصحابة بالنفاق و كتمان الحق...فماذا فعل ابن تيمية؟ هذا الإمامُ الغَيور الذي أخَرجَ مِن عِلمِه زكاتَهُ !!
ألّفَ كتاباً في تسعة مجلدات رداً عليه ؛ سماه منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية...أخرسَ الإثنى عشرية إلى يومنا هذا !! نصر فيه صحابة رسول الله و عقيدة أهل السنة و الجماعة نصراً مؤزراً !! كان سوطاً على ظهور من انتقص من عقيدتنا الغَراء !

2/ من العلماء الذين وقفوا في وجه ضلال الشيعة في الدولة الفاطمية -الإمام أبو بكر النابلسي- حيث قام “الفاطميون” بالقبض عليه وحبسه في رمضان، وجعلوه في قفص خشب.
وقد مثل الشيخ العالم النابلسي أمام الخليفة الشيعي”المعز لدين الله الفاطمي” فسأله: بلغنا أنك قلت: إذا كان مع الرجل عشرة أسهم وجب أن يرمي في الروم تسعة أسهمٍ وفينا -أي في الشيعة الروافض- العاشر!
فقال الإمام النابلسي: – ما قلت هكذا!!
ففرح القائد الفاطمي، وظن أن الإمام سيرجع عن قوله. ثم سأله بعد برهة: فكيف قلت؟
قال الإمام النابلسي بقوة وحزم: قلت: ينبغي أن نرميكم بتسعة ونرميهم بالعاشر!!!
فأمر الخليفة الفاطمي بإشهاره في أول يوم ، ثم ضُرب في اليوم الثاني بالسياط ضربا شديدا مبرحاً. وفي اليوم الثالث، أمر جزارا يهودياً – بعد رفض الجزارين المسلمين – بسلخه، فسُلخ من مفرق رأسه حتى بلغ الوجه، فكان يذكر الله ويصبر، حتى بلغ العضد، فرحمه السلاخ وأخذته رقة عليه، فوكز السكين في موضع القلب، فقضى عليه، وحشي جلده تبناً، وصُلب.
وكان الشيخ يردد وهو يُسلخ قوله تعالى: (( كَانَ ذَلِك فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً ))..!
لم يخشى هذا الإمام الفذ في الله لومة لائم...بل أخذته الغيرة و حب الصحابة على قول الحق في موطنٍ كان له أن يكتمهُ..!

و هنا مَوضِعٌ حَقَّ أنْ نَقول : لا يَنفَعُ إلا السَوط...!


وختاماً أنقلُ شيئاً من مَآثر أبي هريرة -رضي الله عنه- :

انقطعَ أبا هريرة في شبابه لخدمةِ رسول الله وصُحبتِه ، فاتخذَ المَسجِدَ مقاماً ، و النبي معلماً و إماماً ... إذ لم يكن للفتى الدوسيُّ آنذاك زوجٌ ولا ولدٌ ، و إنما كانت له أمٌ عجوز أصرّت على الشرك ؛ فكانَ لا يفتأُ يدعوها إلى الإسلام ..إشفاقاً عليها وبِرّاً بها ..فتَنفِرُ منهُ و تَصدُّه..!
 فيتركها والحزنُ عليها يفري فؤادهُ فَرياً !


وفي ذات يوم دعاها إلى الإيمانِ بالله ورسولهِ ، فقالت في النبي قولاً أحزنَهُ و أمضَّهُ (أوجعهُ). فمضى إلى رسول الله وهو يبكي ..! فقال له النبي ﷺ : ( ما يُبكيكَ يا أبا هريرة؟! )

فقال : إني كنتُ لا أفترُ عن دعوةِ أمي إلى الإسلام ، فتأبى عليَّ...وقد دعوتها اليوم فأسمعتني فيكَ ما أكره. فادعُ الله عزّ وجل أن يميل قلبَ أمِّ أبي هريرةَ للإسلام.

فدعا لها النبي ﷺ !

قال أبو هريرة : فمضيتُ إلى البيتِ ؛ فإذا البابُ قد ردَّ ،  وسمعتُ خصخصةَ الماءِ فلمّا هممتُ بالدخولِ..قالت أميِّ : مكانكَ يا أبا هريرة...

ثم لَبستْ ثوبَها وقالتْ : اُدخلْ ؛ فدخلتُ...فقالتْ : أشهدُ أن لا إلـه إلا الله وأشهدُ أن محمداً عبدهُ و رسولهُ...!

فعُدتُ إلى رسول الله ﷺ ؛ و أنا أبكِي من الفرحِ كما كنتُ قبلَ ساعةٍ من الحُزنِ وقلتُ : أبشرْ يا رسول الله ! فقد استجابَ الله دعوتكَ وهدى أمَّ أبي هريرةَ إلى الإسلام..! أ.هـ

وحقَّ علينا أن نحزنَ على من يَحزَنُ على رسول الله ﷺ !!

هذا ما تيسر لي والحمد لله رب العالمين...


وكتب / فارس الحمادي
2 / جمادي الآخر / 1435
3 / إبريل / 2014

2 comments:

  1. El Salaaam 3aalikum Yaaa Akhiiena Faris El Hamadi. Why don't you post some articles or thoughts in English? For example I am really really interested to read the story behind the picture you have posted on this post. Think of your fellow brothers who aren't capable of reading long posts in Arabic, and understanding the same.

    El Akhh Wallid Nasher

    ReplyDelete
    Replies
    1. وعليكم السلام ورحمة الله

      حياك الله وليد.
      إن شاء الله أحاول أكتب شيء بالانجليزية
      :-)))

      Delete